فصل: المسألة الثانية: زيارة قبره صلى الله عليه وسلم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة



.الباب الرابع: في صفة الحج والعمرة:

الأصل عند أهل العلم في صفة الحج حديث جابر المشهور.
وقد تتبعنا الروايات الصحيحة الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتلخص لنا من مجموعها الصفة التالية:
إذا وصل مريد النسك إلى الميقات فإنه يستحب له أن يغتسل، ويأخذ ما يحتاج إلى أخذه من شعر، يحل أخذه، كشعر الإبط والعانة والشارب، ويقلم أظافره، ويتجرد الرجل من المخيط، ويتطيب في بدنه قبل نية الدخول في النسك، ويلبس الرجل إزاراً ورداء نظيفين أبيضين. وتحرم المرأة فيما شاءت من ثياب.
ويغطي الرجل كتفيه بردائه، ويهل بنسكه الذي يريد. والأفضل أن يكون إهلاله إذا استوى على دابته، وإن كان المحرم يخاف من عائق يمنعه من إتمام نسكه كمرض أو قطع طريق أو نحو ذلك فإنه يَشْتَرِط أن مَحِلِّي حيث حبستني.
ويستحب أن يكون عند إهلاله مستقبلاً القبلة ويقول: اللهم هذه حجة لا رياء فيها ولا سمعة، ويَشْرَعُ في التلبية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. وكان الصحابة يزيدون: لبيك ذا المعارج، لبيك ذا الفواضل. ويسن أن يرفع صوته بالتلبية، فإذا وصل مكة استحب له أن يغتسل، فإذا أراد أن يطوف اضطبع الرجل بأن يكشف عن كتفه الأيمن، ويغطي كتفه الأيسر بردائه. ويشترط أن يكون حال الطواف متوضئاً، ويستحب أن يستلم الحجر الأسود ويقبِّله، فإن لم يمكنه ذلك استلمه بيده، وقَبَّل يده، فإن لم يمكنه ذلك يشير إليه بيده، ولا يقبِّلها، ويفعل ذلك عند كل شوط، ويبدأ كل شوط بالتكبير، وإن ابتدأ الطواف ببسم الله والله أكبر فحسن، وإذا أتى الركن اليماني استلمه ولم يقبِّله، فإن لم يمكنه استلامه فإنه لا يشير إليه، ولا يكبر، ويقول بين الركنين- وهما: الركن اليماني والحجر الأسود-: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
ويدعو في بقية الطواف بما شاء، ويستحب أن يَرْمُل في الأشواط الثلاثة الأولى- والرَّمَل فوق المشي ودون العدو- ويمشي في الأربعة، فإذا أتم سبعة أشواط غطى كتفيه بردائه، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] ويصلي ركعتين خلف المقام يقرأ في الأولى بسورة الكافرون وفي الثانية بسورة الإخلاص فإن لم يتمكن من الصلاة خلف المقام لزحام ونحوه، صلى في أي مكان من المسجد، وهذا الطواف هو طواف القدوم للمفرد والقارن وطواف العمرة للمتمتع، ثم يشرع له أن يشرب من زمزم، ويصب على رأسه، ثم يرجع إلى الحجر الأسود، فيستلمه إن تيسر، ثم يخرج إلى الصفا، ويقرأ قول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] ثم يرقى الصفا حتى يرى البيت، ويستقبل القبلة، ويرفع يديه، ويقول: الله أكبر ثلاثاً، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، يفعل ذلك ثلاث مرات ويدعو بينها طويلاً، ثم ينزل ماشياً إلى المروة، ويسعى بين الميلين الأخضرين سعياً شديداً، وذلك للرجال دون النساء، ثم يمشي حتى يرقى المروة، فيصنع عليها مثل ما صنع على الصفا، وهذا شوط، ثم من المروة إلى الصفا شوط آخر حتى يتم السعي سبعة أشواط. وهذا سعي الحج للمفرد والقارن، ولا يتحللان بعده، بل يبقيان بإحرامهما، وهو سعي العمرة للمتمتع.
ويتحلل المتمتع من عمرته بتقصير شعره ثم يلبس ملابسه، حتى إذا كان يوم التروية- وهو يوم الثامن من ذي الحجة- أحرم المتمتع بالحج من مكانه، وكذا غيره من المحلين بمكة وقربها. ويستحب له أن يفعل ما فعله عند الميقات من الاغتسال والتطيب والتنظف. ويتوجه جميع الحجاج إلى منى ملبِّين، ويصلُّون في منى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر بقصر الرباعية من غير جمع، ثم في صبيحة اليوم التاسع يسير الحاج إلى عرفة. فإنْ تيسَّر له أن ينزل بنمرة إلى الزوال فحسن. وإذا زالت الشمس خطب الإمام أو نائبه خطبة قصيرة، ثم يصلي الظهر والعصر قصراً وجمعاً في وقت الظهر، ثم يدخل عرفة.
ويجب على الحاج أن يتيقن أنه في داخل حدود عرفة، ويستقبل القبلة، ويرفع يديه يدعو ويلبي، ويحمد الله، ويجتهد في التضرع والذكر والدعاء في ذلك اليوم العظيم. وأفضل ما يقال في ذلك اليوم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ويكون في ذلك اليوم مفطراً؛ لأنه أقوى له على العبادة، ولا يزال واقفاً متضرعاً متذللاً، إلى أن تغرب الشمس، فإذا غربت أفاض من عرفة بسكينة، ويسير ملبِّياً حتى يأتي مزدلفة فيصلي بها المغرب والعشاء جمعاً ويقصر العشاء، ورخص للضعفة أن يخرجوا من مزدلفة بليل، ويبقى القوي في مزدلفة حتى يصلي الفجر، ثم يستقبل القبلة ويحمد الله ويكبره ويهلله حتى يسفر جداً، ثم يدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس، وعليه السكينة، ملبياً، ويلتقط سبع حصيات من الطريق، حتى إذا أتى جمرة العقبة رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقطع التلبية، ثم ينحر هديه، ويستحب أن يأكل منه، ثم يحلق رأسه، ثم يطوف طواف الإفاضة، ويسعى سعي الحج إن كان متمتعاً، أو كان مفرداً أو قارناً ولم يسع مع طواف القدوم. والسنة ترتيب هذه الأعمال: الرمي، فالذبح، فالحلق، أو التقصير، فإن قدَّم واحداً منها على آخر فلا حرج، وإذا فعل اثنين من ثلاثة أعمال- رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، والطواف مع السعي، إن كان عليه سعي- تحلل التحلل الأول وحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء. فإذا فعل الثلاثة تحلل التحلل الأكبر فيحل له كل شيء حتى النساء، ويبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر وجوباً، ويرمي الجمرات الثلاث يوم الحادي عشر بادئاً بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى وكذلك في اليوم الثاني عشر، ويبدأ وقت الرمي من الزوال إلى طلوع الفجر، وإذا رمى الجمرة الصغرى سُنَّ له أن يتقدم قليلاً عن يمينه، ويقوم مستقبلاً القبلة رافعاً يديه يدعو. وإذا رمى الجمرة الوسطى سُنَّ له أن يتقدم، ويأخذ ذات الشمال ويستقبل القبلة، ويقوم طويلاً يدعو رافعاً يديه، ولا يقف بعد جمرة العقبة، فإن أراد أن يتعجل فإنه يجب عليه أن يخرج من منى يوم الثاني عشر قبل غروب الشمس، فإن غربت عليه الشمس في منى مختاراً، وجب عليه مبيت ليلة الثالث عشر. ثم إذا أراد أن يخرج من مكة وجب عليه أن يطوف طواف الوداع، ويجعل آخر عهده بالبيت الطواف، ويسقط هذا الطواف عن الحائض والنفساء.

.الباب الخامس: في الأماكن التي تشرع زيارتها في المدينة:

وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم:

تسن زيارة مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشدُّ الرحل إليه في أي وقت من أيام السنة، سواء أكان ذلك قبل الحج أم بعده، وليس لها وقت خاص، ولا دخل لها في الحج، وليست من شروطه ولا من واجباته، لكن ينبغي لمن قدم إلى الحج أن يزور مسجده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أداء فريضة الحج أو بعدها، وبخاصة من يشق عليه السفر إلى هذه الأماكن. فلو مر الحجاج بالمسجد النبوي وصلوا فيه، لكان أرفق بهم وأعظم لأجرهم ولجمعوا بين الحسنيين: أداء فريضة الحج، وزيارة المسجد النبوي للصلاة فيه، مع العلم- كما سبق- بأن هذه الزيارة ليست من مكملات الحج، ولا دَخْلَ لها فيه، فالحج كامل وتام بدون هذه الزيارة، ولا ارتباط بينها وبين الحج ألبتة.
والأدلة على مشروعية شدِّ الرحال لمسجده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصلاة فيه كثيرة منها:
1- قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومسجد الأقصى».
2- وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام».
فهذه النصوص تدل على مشروعية زيارة مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للصلاة فيه لفضلها ومضاعفة أجرها، وتدل أيضاً على أنه يحرم شد الرحال لغير هذه المساجد الثلاثة لقصد العبادة، فلا تشرع الزيارة والسفر لأي مكان في أنحاء المعمورة، إلا إلى هذه المساجد الثلاثة. وقَصْدُ المدينة للصلاة في مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشروع في حق الرجال والنساء؛ لما تقدم من عموم الأدلة السابقة.
أما كيفية الزيارة: فإذا وصل المسافر إلى المسجد استحب له أن يقدم رجله اليمنى حال دخوله المسجد، ويقول الدعاء المشروع عند دخول أي مسجد: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك.
وليس لمسجده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر مخصوص، ثم بعد ذلك يصلي ركعتين في أي مكان من المسجد، وإن صلاها في الروضة فهو أفضل؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة».
ومن زار مسجده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينبغي له أن يحافظ على أداء الصلوات الخمس فيه، وأن يكثر فيه من الذكر والدعاء وصلاة النافلة في الروضة الشريفة؛ احتساباً للأجر والثواب الجزيل، أمَّا صلاة الفريضة فالأولى للزائر وغيره أن يتقدم إليها، ويحرص على الصفوف الأول المرغب فيها ما استطاع؛ لأنها مقدمة على الروضة.

.المسألة الثانية: زيارة قبره صلى الله عليه وسلم:

إذا زار المسلم المسجد النبوي استحب له زيارة قبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ لأنها تابعة لزيارة مسجده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليست هي أصل القصد. وهذه هي الزيارة المشروعة، ولا يشرع شد الرحل إليها، بل شدُّ الرحل لزيارة قبور الأنبياء والصالحين والأماكن الأخرى غير المساجد الثلاثة- المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى- انعقد الإجماع على تحريمه، ومن فعله فهو عاص بنيَّته، آثم بقصده؛ لمخالفته لمفهوم الحديث الوارد في شد الرحال إلى المساجد الثلاثة.
أما كيفية الزيارة: فعلى الزائر أن يقف تجاه قبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأدب وخفض صوت، ثم يسلم عليه قائلاً: (السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته)؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من أحد يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام».
وإن قال الزائر: السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، أشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده، اللهم آته الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، اللهم اجزه عن أمته خير الجزاء، فلا بأس. ثم بعد ذلك يسلِّم على أبي بكر وعمر- رضي الله عنهما- ويدعو لهما، ويترحم عليهما؛ لما أثر عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا سلم على الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصاحبيه، لا يزيد على قوله: (السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه) ثم ينصرف.
ويحرم على الزائر وغيره التمسح بالحجرة أو تقبيلها أو الطواف بها، أو استقبالها حال الدعاء، أو سؤال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وشفاء المرض ونحو ذلك؛ لأن ذلك كله لله، ولا يطلب إلا منه.
وليست زيارة قبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقبري صاحبيه واجبة، ولا شرطاً في الحج كما يظن بعض الجهال من العامة، بل هي مستحبة في حق من زار مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا ارتباط بينها وبين الحج بتاتاً، وما ورد في هذا الباب من الأحاديث التي يحتج بها من يقول بمشروعية شدِّ الرحل إلى قبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنها من مكملات الحج فهي أحاديث ساقطة، لا أصل لها، إما ضعيفة أو موضوعة، كحديث: «من حج ولم يزرني فقد جفاني»، وحديث: «من زار قبري وجبت له شفاعتي»، وغيرهما كثير، وكلها لم يثبت منها حديث واحد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل جزم بعض أهل العلم بأنها كلها موضوعة مكذوبة.

.المسألة الثالثة: الأماكن الأخرى التي تشرع زيارتها في المدينة النبوية:

يستحب لزائر المدينة- رجلاً كان أو امرأة- أن يخرج متطهراً إلى مسجد قباء ويصلي فيه؛ لفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث كان يزور مسجد قباء راكباً وماشياً ويصلي فيه ركعتين.
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه صلاة، كان له كأجر عمرة».
ويسن للرجال فقط زيارة قبور البقيع وقبور الشهداء في أُحُد كقبر حمزة رضي الله عنه وغيره، ويسلم عليهم، ويدعو لهم؛ لفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ كان يزورهم ويدعو لهم، ولعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زوروا القبور فإنها تذكر الموت».
وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية».
هذه هي الأماكن التي تشرع زيارتها في المدينة.
أما الأماكن الأخرى التي يظن بعض العامة أن زيارتها مشروعة: كمبرك الناقة، ومسجد الجمعة، وبئر الخاتم، وبئر عثمان، والمساجد السبعة، ومسجد القبلتين، فهذه لا أصل لها، ولم يثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه زار هذه الأماكن أو أمر بزيارتها، ولم يَرِدْ عن أحد من السلف الصالح أنه زارها. وليس لأي مسجد في المدينة فضلٌ خاص، إلا مسجد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومسجد قباء. وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، فينبغي للمسلم إذا زار المدينة أن يتقيد بالأماكن التي تشرع زيارتها، ويتجنب الأماكن التي لا تشرع زيارتها.

.الباب السادس: في الأضحية:

وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: في تعريف الأضحية وحكمها وأدلة مشروعيتها وشروطها:

1- تعريف الأضحية:
الأضحية لغة: هي ذبح الأضحية وقت الضحى.
وشرعاً: هي ما يذبح من الإبل أو البقر أو الغنم أو المعز تقرباً إلى الله تعالى يوم العيد.
2- حكمها وأدلة مشروعيتها:
الأضحية سنة مؤكدة؛ لقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2].
ولحديث أنس رضي الله عنه: «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، وسمّى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما».
3- شروط مشروعية الأضحية:
تسن الأضحية في حق مَنْ وجدت فيه الشروط الآتية:
1- الإسلام: فلا يخاطب بها غير المسلم.
2- البلوغ والعقل: فمن لم يكن بالغاً عاقلاً فلا يكلف بها.
3- الاستطاعة: وتتحقق بأن يملك قيمة الأضحية زائدة عن نفقته ونفقة من تلزمه نفقته، خلال يوم العيد وأيام التشريق.